مذبحة القلعة مذبحة المماليك 1811

مذبحة المماليك

مذبحة القلعة

مذبحة المماليك
1811

مقدمة:


حاول محمد على أن يصل الى اتفاق مع المماليك يعترفون فيه بسلطانه ، ويضع حدا لشرورهم وليمكنه بسط نفوذه على الصعيد ، خاصة أن الباب العالي كان قد عهد إليه بإعداد جيش لمحاربة الوهابيين - لكن امتنع بكوات المماليك عن دفع الميري المطلوب منهم وأستأثروا بإيرادات الصعيد وخيراته فأضطر محمد على لأن يرسل لهم حملة في عام ۱۸۱۰ - أوقعت بهم الهزيمة لكن لم تقض على نفوذهم تماما .
ولذا دبر محمد علي في أول مارس عام ۱۸۱۱ مکيدة للقضاء عليهم فدعا زعماء المماليك للقلعة للاحتفال بتقليد إبنه طوسون القيادة العامة الحملة الحجاز فقتل عددا كبيرة منهم. كما تعقب إبنه ابراهيم المثبتين بعد مذبحة القلعة والتقى بهم عند (اسنا) وقضي على عدد منهم وفر الباقون الى دنقلة بالسودان .
والبعض يجد لمحمد علي العذر في تخلصه من المماليك بهذه الطريقة فقد كانوا عقبة في طريق تنفيذ منا اعتزم القيام به في مصر ، وكانوا مثار شغب وفوضي خاصة إنه كان يعتزم أن يبعث بجنوده خارج حدود مصر .

القلعة -باب العزب


              اما وقد شاهدت صورالقلعة و باب العزب وثبتت صورتها فى ذهنك
 اسمع بقى ما   جرى فيها يوم أول مارس عام ۱۸۱۱ م على يد محمد على وجنودة  من ابشع مذبحة عرفها تاريخ مصر منذ ان حكم صلاح الدين الايوبى مصر بل فى تاريخ مصر كلة . 

المؤامرة:


ومن هنا نبدا الحكاية  هو أن محمد على قد غادر السويس متجها إلى القاهرة ليتصدى لمؤامرات مماليك الصعيد وماينويه بشأنهم وما أن وصل إلى القاهرة حتى بدأ يهيء للحملة على الوهابين تلبية لنداء الحكومة التركية وعهد لواء قيادة الحملة لابنه أحمد طوسون باشا ، وأعد مهرجان فخمة بالقلعة، حدد له يوم الجمعة أول مارس عام ۱۸۱۱م للإحتفال بإلباس إبنه خلعة القيادة . وكان فى نيتة التخلص من المماليك حتى يامن جانبهم فاشار علية الكتخدا محمد لاظ اوغلى باشا بضرورة التخلص من المماليك قبل خروج الجيش لانه ما ان يخرج الجيش حتى ينقضوا علية ويقتلوه  فدبر خطة للتخلص من المماليك دفعة واحدة .واحكم محمد علي باشا خطة المؤامرة، فلم يعرف  سرها الا اربعة من خاصة رجاله، وهم حسن باشا قائد الجنود الأرناءوط، والكتخدا بك محمد لاظ أوغلي، وصالح قوش احد ضباط الجند، وابراهيم اغا حارس الباب، وصالح قوش كما مر بك كان يقود كوكبة الجنود الأرناءط في الموكب، وهو الذي أمر باقفال باب العزب واعطى اشارة القتل الى رجاله.

ودعا رجال الدولة وأعيانها وكبار الموظفين العسكريين والمدنيين الشهود ذلك الاحتفال الفخم . وكان هذا الاحتفال العظيم يبدأ بان يلبس طوسون باشا خلعة القيادة ويتجه من القصر بالقلعة إلى خارج ودعا رجال الدولة وأعيانها وكبار الموظفين العسكريين والمدنيين الشهود ذلك الاحتفال الفخم . وكان هذا الاحتفال العظيم يبدأ بأن يلبس طوسون باشا خلعة القيادة ويتجه من القصر بالقلعة إلى خارج القلعة في أبهته وموكبه الفخم عبر باب العزب مخترقا باب الرميلة مرور بأهم شوارع القاهرة حتى معسكر الحملة في القبة ، وقد كانت مثل هذه الإحتفالات تحتشد لها الجماهير.

 وكان محمد على قد دعا جميع الأمراء والبكوات والكشاف المماليك وكذا أتباعهم لحضور هذا الموكب . وقد لبى المماليك الدعوة وركبوا جميعا في أبهى زينة وأفخم دثبات على خيولهم وذهبوا صبيحة هذا اليوم إلى القلعة قبيل الموعد المحدد لركوب طوسون باشا، وهم يخفون في صدورهم الكراهية والحقد ، وقبل ابتداء الحفل دخلوا على محمد علي في قاعة الاستقبال الكبرى بقصره الملکی فتلقاهم بالحفاوة . وكان عدد المدعون يزيد عن ۱۰۰۰۰ عشرة آلاف شخص من كبار القوم ومختلف الطوائف. وظل حاملو الطعام والسقاة يروحون ويحبيئون خلف الضيوف في أدب جم وصمت تام . ووقف حملة المراوح خلف ضيوف المائدة الرئيسية يحركون مراوحهم في حذر ، في حين راحت . الفرقة الموسيقية تعزف ألحانا ترقص على نغماتها بعض الراقصات.

وكان المنظر خلابا فقد كان جميع الضيوف يرتدون ملابس خفيفة من الكتان المتعدد الألون يغلب عليه اللون الأبيض واشتعلت المشاعل وأضاءت المصابيح المعلقة على الجدران في كل مكان أضواء قوية زادت من بهاء القاعة وشکر محمد على ضيوف الحفل على تلبية الدعوة وطلب منهم أن ينال ابنه التكريم إذا صاروا معه في موكبة وقدموا طلب منهم أن ينال ابنه التكريم إذا صاروا معه في موكبة وقدموا اعتذارهم عن عدم حضور معاليك الصعيد للاشتراك في هذا المهرجان الكبير فقابل الباشا الاعتذار بسماحة وقبله وتجاذب معهم أطراف الحديث وشربوا اثناءه القهوة ودخنا النرجيلة ثم نادي المنادی برحيل الموكب فعزفت الموسيقى ، وانتظم قرع الطبول ، وكان ذلك إعلانا عن تحرك الموكب ، عندئذ نهض المماليك وقوفا وبادلوا محمد على عبارات التحية والاحترام ، ورد عليهم بمثلها وصاروا حتى يأخذون مكانهم في الموكب الضخم .

ولا تقلد الأمير طوسون خلعة القيادة بدأ الموكب يسير منحدرا من القلعة ، وتحرك الموكب تتقدمه طليعة من الفرسان الدلاه يفودها ضابط يدعى د اوزون على ، ويتبعها والى الشرطة والأغا محافظالمدينة والمحتسب ، يليهم الوجا قليه ثم كوكبة من الجنود الأرناؤوط يقودهم (صالح آق قوش ، ثم المماليك يتقدمهم سليمان بك البواب ومن بعدهم بقية الجنود فرسانا ومشاة ، وعلى أثرهم كبار المدعوين من أرباب المناصب المختلفة .

المذبحة:


وقد سار الموكب على هذا النسق منحدرا إلى باب العرب المتقدم ذكره ، متخذا ذلك الطريق الضيق الوعر الذي وصفناه من قبل ، فاجتاز الباب طليعة الموكب ثم رئيس الشرطة ثم المحافظ ومن معه ، ثم الوجاقلية . ولم يكد هؤلاء يجتازون الباب الغربي حتى توقفت الموسيقي عن العزف وانتحت الراقصات جانبة ، وحمله المراوح توقفت في أيديهم المراوح في حذر وترقب ... وهكذا توقفت عقارب الزمن ، وتوقفت القلوب عن النبض ترقب وخيفة حين ارتج الباب الكبير باب العزب
وأقفل من الخارج على حين فجأةإقفالا محكما في وجه المماليك ومن ورائهم الجنود الأرناؤوط ولم تمر لحظات حتی دوی طلق الرصاص من نافذة إحدى الثكنات وكان الجنود على علم بما تدل عليه هذه الإشارة ، تحولوا عن الطريق في صمت وسكون ، وتسلقوا الصخور التي تكتنفه وتعلوه يمينا وشمالا وأخذوا أماكنهم على الأسوار والحيطان والصخور المشرفة على هذا الممر . ولم ينتبه المماليك باديء الأمر إلى أن الباب قد أقفل واستمروا يتقدمون متجهين إليه ، ولكن لم تكد تبلغه صفوفهم الأولى حتى رأوه مقفلا . ولم تكد تلك الطلقات تدوي في الفضاء حق انهال الرصاص دفعة واحدة على المماليك وهم محصورون في هذا الطريق الغائر في الأرض ، فالباب - الفخم مقفل في وجوههم والجنود الأرناوؤط من ورائهم) ومن فوقهم وعن يمينهم وشمالهم يتناولونهم برصاص بنادقهم



لا تلبث ان تتساقط جثثهم في جوف الطريق، ومن هؤلاء شاهين بك الألفي الذي تمكن في عدة من مماليكه أن يتسلق الحائط وصعد الى رحبة القلعة وانتهى الى عتبة قصر صلاح الدين، فضربة الجنود الأرناءوط برصاصة أردته قتيلا، واستطاع سليمان بك البواب أن يجتاز الطريق وجسمه يقطر دما، ووصل الى سراي الحرم، واستغاث بالنساء صائحا (في عرض الحرم)، وكانت هذه الكلمة تكفي في ذلك الزمان  لتجعل من يقولها في مأمن من المهالك  ولكن الجنود عاجلوه بالضرب حتى فصلو رأسه عن جسمة ، وطرحت جثته بعيدا عن باب السراي، وتمكن بعض المماليك من الوصول الى حيث كان طوسون باشا راكبا جواده منتظرا ان تنتهي تلك المأساة. فتراموا على أقدامه طالبين الأمان، ولكنه وقف جامدا لا يبدي حراكا، وعاجلهم الجنود بالقتل، وتكدست جثث القتلى بعضها فوق بعض في ذلك المضيق، وعلى جوانبه حتى بلغ ارتفاع الجثث في بعض الأمكنة الى أمتار، واستمر القتل الى أن أفنى كل من دخلوا القلعة من المماليك، ومن لم يدركه الرصاص ممن وقع تحت جثث الآخرين أوفر في نواحي القلعة أو تخلف عن الموكب، ساقه الأرناءوط حيا إلى الكتخدا بك فأجهزوا عليه ضربا بالسيوف، واستمر القتل من  النهار حتى اقبل الليل حتى إمتلأ فناء القلعة بالجثث.

وتقول بعض الروايات  أن الحي المقابل لباب العزب امتلأ بالدم واستغرق فترة طويلة للتخلص من أثاره فسمى من المصريين  بحى الدرب الاحمر
 ولم ينجى منهم الا امير واحد هو أمين بك الذي قفز بحصانه من فوق سور القلعة ،  وسقط مغشياً عليه ومات الجواد من شدة السقوط ، و تقول الرواية التاريخية أن بعض البدو رأوا أمين بك مغشياً عليه ، فأسرعوا إلي سرقة سلاحه و نقوده و ضربوه بالسيوف فأصابوه إصابة بليغة في عنقه ، و لكنه لم يمت ، و عثر عليه آخرون قاموا بإخفائه و معالجته حتي شفي و استطاع الالتجاء إلي سوريا.

 راح ضحية هذه المذبحة ما بين 400 إلى 500 أمير مملوك، سالت دماؤهم بغزارة إلى أسوار القلعة، حتى حين شاهدها بعض الجند على أبواب القلعة تملكهم الخوف فهربو ،
 ولقد سمع دوي الرصاص أهل المحروسة، فهرعوا إلى إغلاق حوانيتهم، ولم يترك محمد علي بقية المماليك دون تعقب، فأمر جنده الألبان بتعقبهم في بيوتهم وقتلهم، فقتل في الأيام التالية للمذبحة حوالى 1000 مملوك آخر، بل أرسل حملة عسكرية بقيادة ابنه إبراهيم باشا إلى الصعيد لمطاردة فلول المماليك ممن نجا من المذابح السابقة، وأسفرت هذه الحملة عن قتل عدد آخر منهم.

يقول الجبرتى فى كتابة  "هرع الناس الى منازلهم، وخلت الشوارع والطرقات من المارة، واعقب هذا الذعر نزول جماعات من جنود الأرناءود الى المدينة يقصدون بيوت المماليك في انحاء القاهرة، فاقتحموها واخذوا يفتكون بكل من يلقونه فيها من أتباعهم، وينهبون ما تصل اليه أيديهم، ويغتصبون من النساء ما يحملن من الجواهر والحلي والنقود، واقترفوا في ذلك اليوم واليوم الذي تلاه من الفظائع ما تقشعر منه الابدان، ولم يكتفوا بالفتك بمن يلقونه من المماليك ونهب بيوتهم واغتصاب نسائهم، بل تجاوزوا بالقتل والنهب الى البيوت المجاورة، وبلغ عدد المنازل التي نهبوها خمسائة منزل، واصبح اليوم التالي (السبت) والسلب والنهب والقتل مستمر في المدينة، واضطر محمد علي باشا الى النزول من القلعة في صحوة ذلك اليوم وحوله رؤساء جنده وحاشيته لوضع حد للنهب والاعتداء، فمر بالاحياء المهمة التي كانت هدفا لعدوان الأرناءوط، وامر بقطع رءوس من استمروا في النهب والاعتداء، وكذلك فعل طوسون باشا."

 تعليق 


مهما قيل من تبريرات  حول هذة المقتلة العظيمة فلايوجد ما يبررها من وجهة النظر الانسانية ويقال ان محمد على اصيب بامراض نفسية شديدة اثرت علية بالخرف فى  اواخر حياتة  كما امتنعت عنة زوجتة الاولى حتى وفاتها1822 عندما علمت  بالمذبحة واستبشعت ما فعلة محمد على ويرى بعض المؤرخون الحديثون بان مذبحة القلعة كان ولا بد منها للتخلص من ركب المماليك الذين اخرومصر عقود من الزمان.

كانت الضربة الحاسمة القاضية التي اقتلعت المماليك من جذورهم ومثلت موقعة القلعة آخر حلقات الصراع بين محمد على وبين المماليك وطوت مصر صفحة من تاريخها لتبدأ صفحة جديدة منطلقة تحت حكم محمد على ومحلقة إلى العالمية ليتحقق لها المجد والعزة التي طالما كانت تحلم بها منذ زمن بعيد امتد لسبعة قرون . وظهرت مصر على ساحة المجتمع الدولي بثوبها الجديد قوية شاغة متطورة ، ولم تكن في تاريخها أقوى ولا أعظم مما كانت في هذا العصر ، عصر محمد على بانی وصانع ومخطط نهضة مصر في التاريخ الحديث

المصادر:

الجبرتى               عجائب الاثارفى التراجم والاخبار
عبدالرحمن الرافعى                          عصر محمد على 





تعليقات