(قصه اغتيال السادات رحمه الله) وتفاصيل جديده لاول مره





 حادثه المنصة


قصه اغتيال السادات



  
قبل أن نسترسل في سرد تفاصيل ما جرى ، نتوقف قليلا عند هؤلاء الشبان الخمسة، الذين نفذوا عملية إغتيال السادات، سواء بالرصاص ، أو أنهم جميعا في العشرينات من عمرهم.. أصغرهم خالد الاسلامبولی (24 سنة) وأكبرهم عبد الحميد عبد السلام (۲۹ سنة) .. أصغرهم هو الذي فكر في العملية ، وقاد تنفيذها ، بحكم صدفة قدرية ، فرضت عليه الإشتراك في العرض العسكري ، واستغلها بجراة من النادر تکرارها ..
وهم جميعا . . ينتمون لأصول ريفية .. ولم تنقطع صلتهم بالأقاليم ، خالد من ملوى .. وعبد السلام فرج من الدلنجات .. وعبد الحميد وحسين عباس من أصول ريفية أيضا.

وكلهم خدموا في القوات المسلحة، كضباط عاملين .. أو كضباط إحتياط , أو كجندي متطوع مثل حسين عباس .. وكلهم يندرجون تحت الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة .. وهي نفسها الشريحة الاجتماعية التي أفرزت معظم أمراء الجماعات الدينية ، وزعمائها البارزين.
وكلهم انخرطوا في هذه الجماعات ، أو تعاطفوا معها ، وتشربوا أفكارها . إلى حد أن بعضهم قد ترك الخدمة في الجيش ، مثل عبد الحميد، الذي اعتبر أنه لا يمكن أن يكون في خدمة الطاغوت ، واختار لنفسه مهنة جديدة ومناسبة هي بيع الكتب الدينية.
ولابد أن تأثرهم بافكار الجماعات الدينية كان عاملا مهما وراء الاغتيال الذي نفذوه.

تقول حيثيات الحكم في هذه النقطة بالذات ؛ وفي يوم  28  /9 /  1981
 حضر كل من المتهمين السادس كرم محمد زهدی ، والسابع فؤاد محمد أحمد حنفى وشهرته فؤاد الدواليبی والثامن عاصم عيد الماجد محمد ، والتاسع أسامه ابراهیم حافظ(وهم من أمراءالصعيد في تنظيم الجهاد) إلى شقة عبد الحميد ، وتقابلوا مع كل من محمد عبد السلام ، وخالد أحمد شوقي ، قعرضا عليهم خطة الإغتيال التي نسج خالد خيوطها ، فوافقوا عليها ، وانعقدت إرادتهم على تنفيذ الخطة بالتفاصيل التي تم
طرحها في هذه الجلسة على أن تقوم مجموعة الصعيد بإمدادهما بالذخيرة اللازمة التنفيذ عملية الاغتيال وانفض مجلسهم على ذلك ثم عاودوا الحضور مرة أخرى للاستيثاق من عزمها على التنفيذ ، فأكد محمد عبد السلام وخالد ما تم توثیق اتفاق عليه ..


اللقاء الرباعى :


كما التقى خالد في شفة عبد الحميد أيضا بكل من المتهمين الثالث عطا طايل ، والرابع حسين عباس محمد الذي حضر بناء على تكليف من محمد عبد السلام ، ولقد عرف خالد على كل منهما خطته فوافقا عليها ، واتفقا على تنفيذها ، کہا وافق المتهم الثاني عبد الحميد عبد السلام على انضمامه اليهم فيها انفقوا عليه ، ومشاركته إياهم في تنفيذ ما هم مقدمون على تنفيذه , ومن ناحية أخرى أوفد محمد عبد السلام مبعوثه المتهم الثاني عشر صالح جاهين برسالة شفوية إلى المتهم الحادي عشر ، عبود الزمر فحواها أن المتهم الأول خالد أحمد شوقي سيقدم على محاولة الاغتيال الرئيس الراحل أثناء العرض العسكري ولقد أبلغ صالح جاهين فحوى الرسالة إلى المتهم الرابع عشر طارق الزمر ، فنقل الرسالة بدوره إلى عبود الزمر الذي أبدى عدم موافقته ، ولما عاد صالح جاهين إلى محمد عبد السلام برد عبود الزمر بعدم الموافقة غضب غضبا شديدا ، وعبر عن غضبه بقوله : أنه لا ينتظر رأيه في العملية ، وأن العملية ستم ، غير أنه عاود الاتصال به مرة أخرى ، وقبل حادثة الإغتيال بأربعة أيام تقريبا ، فأوفد عبود الزمر المتهم الثاني والعشرين عبد الله سالم إلى عمد عبد السلام ، حاملا له رسالة أخرى مؤداها موافقته على الإغتيال ، کہا بعث معه بتوجيهاته في شأن دخول الأفراد إلى منطقة العرض وتصوراته إزاء ما يمكن أن يحدث في حالة نجاح.


المشكلة الاولى ( توفير السلاح)


بارك الجميع  خطة خالد الإسلامبولی  وبدا التنفيذ . كانت المشكلة الأولى - بعد تدبير الرجال - هی تدبير الذخيرة والقنابل . و تعهد محمد عبد السلام فرج بإحضارها وفعلا احضرها.
أجرى محمد عبد السلام فرج إتصالاته بعض أعضاء جماعته ، فجاء له على الفور المهندس صالح أحمد جاهين (۲۸ سنة ) ،فهمس له بعض التعليمات ، تصرف بعد سماعها .
كان ذلك صباح يوم الجمعة ۲ أكتوبر وفي اليوم نفسه ، عاد صالح جاهين ، ومعه ماطلب منه .
كان صالح جاهين قد ذهب إلى تاجر في دبليس ، واشترى منه عددا من طلقات البنادق الآلية ، ويقال إنه حصل على عدد آخر من الطلقات ، من صندوق دفنه أعضاء التنظيم في أرض قريبة من طريق القاهرة - الفيوم ، ويقال إن الصندوق كان يحوي 500 طلقة .. ومن المؤكد أن صالح جاهين أحضر في الموعد المحدد ۲۰۰ طلقة من عيار 7.62*39 وسلمها لمحمد عبد السلام فرج ، في حضور خالد الاسلامبولي، الذي اعترف بذلك في تحقيقات النيابة العسكرية ..

وطلب عبد السلام من طبيب الاسنان محمد طارق ابراهيم ، وصالح جاهين ، أن يذهبا إلى المقدم أبو جبل في بيته ، وأعطى له العنوان ، فاستقلا سيارة صفوت الأشوح وقصداه ، فأعطاهما ثلاث خزن الى وخزنة رشاش قصير وثلاث ابر ضرب النار ، وعاد أدراجها إلى محمد عبد السلام .
إن المقدم أبو جبل كان يخدم في الأسلحة والذخيرة .. ويبدو أن ذلك أتاح له أن يضع في بينه أنواعا مختلفة من الاسلحة والذخيرة ، تجعله يمد بها من پرید . وحسب الطلب ودون إنتظار ..
وحتى الآن من الصعب معرفة : مصدر هذه الذخائر بالفعل .. ولا كيفية نقلها إلى بيته ؟! ولا ما الذي دفعه إلى إعطائها لرجال عبد السلام فرج بمجرد طلبها ؟!إن المعلومات المتوفرة عن ممدوح أبو جبل قليلة جدا ... فيقال إنه كان مرشحا لدخول التنظيم ،،
وقيل إنه سلم نفسه فور علمه بحادث إغتيال السادات ، وأعلن بلا تردد أنه هو الذي قتله.

المشكله الثانيه (أدخال العناصر الى ساحه العرض):

كانت المشكلة الثانية هي كيف يمكن لخالد أن يدخل رفاته الثلاثة إلى أرض العرض العسكري ؟!مشكلة صعبة بالفعل ! فكيف تم التغلب عليها ؟  هناك روايتين ،الراويه الاولى تقول : "إن خالد قد رتب أموره بعناية تخلص من أحد الجنود النظاميين من وحدة مدفع القيادة الذين يستقلون جراره . ومن حسن حظه أن جنديا آخر منهم وقع مريضا وكان يجب اعطاؤه إجازة ، ثم كلف ثالثا منهم بمهمة في مكان آخر. وقبل لبقية أعضاء وحدة المدافع إن ثلاثة جنود من خارجها سيضافرت إلى قوتها . وكان هناك تلميح غامض بان هؤلاء الثلاثة جنود الجدد قادمون من فرع المخابرات العسكرية لكي يتولوا مسئولية اجراءات الأمن في الوحدة أثناء العرض نظرا للموقف التوتر السائد عموما في البلاد بسبب التطورات الأخيرة ) وهذه الرواية التي قال محمد حسنين هيكل عنها ليست صحيحة ، وليس هناك أي دليل على صحتها .

بل إن الرواية الرسمية التي جاءت في التحقيقات وحيثيات الحكم تقول بعكسها تماما فقد جاء عبد الحميد وعطا وحسين - حسب الرواية الرسمية - بخطاب الحاق من اللواء ۱۸۸ ، وهو لواء مقاتل، لاعلاقة له بالمخابرات الحربية ، وكان خطاب الإلحاق مرورا .. وكان اسم عبد الحميد في الخطاب : عزت .. وعطا : أحمد. وحسين : جمال .. واضيف هذا الخطاب المزور بطاقات عسكرية مزورة - هم - أيضا .
ثم. إن خالد الاسلامبولى من باب اقناع الأخرين قام بتكديرهم ، وعين أحدهم مراسلة له ،، وهو مالايتفق مع امكانية الارتباط بينهم وبين المخابرات.


 صباح اليوم الأخير للسادات ..



صباح يوم الثلاثاء 6 أكتوبر ۱۹۸۱


قامت جيهان السادات من نومها – مبكرة كعادتها – وداعبت حفيدتها ياسمين » - ابنة جمال - وقالت لها : . روحی صحی جدو .. النهاردة العرض العسكرى! جرت ياسمين إلى حجرة نوم جدها ، وقفزت إلى السرير ، وراحت تعبثوقالت له : .قوم ياجدو .. النهاردة العرض العسكري !قام السادات من نومه مبكرا ، على غير عادته ..

فهو يقوم من نومه - عادة متأخرة ما بين الساعة التاسعة ، والساعة العاشرة صباحا .. إلا في مثل هذا اليوم من كل عام .. يوم 6 أكتوبر .. الذي لم يكن السادات يعتبره يوما عاديا ، لأنه في مثل هذا اليوم - قبل 8 سنوات . دخل التاريخ من أوسع أبوابه ، بعد أن نجح الجيش المصري في عبور الفناة ، وإقتحام وتحطيم خط بارليف ، والقضاء على أسطورة التفوق الإسرائيلي الخرافية .. وقد أطلق السادات على نفسه بعد هذا اليوم لقب بطل الحرب ، وكان ينتظر يوم ۲۰ ابریل ۱۹۸۲ - بعد ستة شهور تقريبا . ليتأكد لقبه الجديد الذي وزعته على الناس أجهزة دعايته ، وهو بطل الحرب والسلام .. .
وقبل أن يغادر السادات الفراش  ، مد يده إلى مائدة صغيرة ، بجواره ، وتناول ملعقة من عسل النحل ، مزجت بقليل من رحيق الملكات .
ثم رفع يده إلى جرس قريب من فراشه ، وضغط عليه ..
وقبل أن يرفع يده من على الجرس ، دخل عليه من يحمل الشاي الساخن ، وصحف الصباح ..

تناول الشاي الساخن - بدون حليب وبدون سكر، وألقي نظرة سريعة على صوره وأخباره في الصحف الثلاث . وقبل أن ينتهي من الشاي والفرجة على صوره في الجرائد ، دخل عليه خبير التدليك ، وبدأ معه بعض التمرينات الرياضة ، التي تنتهى - غادة - بالتدليك وحمام فاتر ،،
كانت هذه الطقوس تستمر في الأيام العادية حوالي ساعة .. لكنه في ذلك اليوم أنهاها بسرعة . فلم تستغرق سوى نصف ساعة طلب بعدها تناول بعض ثمار الفاكهة الطازجة ، وذلك على غير ما تعود كل صباح ، حيث كان بنناول قطعة من الجبن وخبزا خاليا من السعرات الحرارية ، مصنوعا من دقيق خاص ، مستورد من سويسرا.

وما إن انتهى السادات من إفطاره حتي اجرى بعض الإتصالات التليفونية ، مع ابنه جمال الذي كان في أمريكا، ومع عثمان أحمد عثمان ، وسيد مرعي ، ومدير المخابرات العامة ، وحسني مبارك، والنبوى اسماعيل ، وفؤاد محيي الدين .. ولم تخرج كل هذه الأحاديث التليفونية عن تهنئة السادات بيوم 6 أكتوبر ..
واعتذر السادات عن المكالمات التليفونية التي جاءت من بعض أشقائه وشقيقاته ، ومن بعض رؤساء تحرير الصحف المسموح لهم بالحديث معه تليفونيا في بيته .

اسلم السادات نفسة للكشف اليومى  اللي يجريه له د. محمد عطيه ، الأستاذ بطب عين شمس ، وطيب القلب الخاص به . وكان السادات قد تعرض لأزمتين في القلب من قبل .. ومن يومها وهو يفحص نفسه بوميا .وقد كان السادات في ذلك اليوم في صحة جيدة للغاية ..
تقول السيدة جيهان السادات - بعد أن فرغ الدكتور عطية من مهمته ، سالت أنور : الن ترتدي القميص الواقي من الرصاص
 فرد على في عصبية : - ليه ، هو أنا رايح فين ، أنا رايح لولادي ،! 
ويقال :إن السادات رفض أن يلبس القميص الواقي من الرصاص ، رغم تعرضه محاولة إغتيال أخيرة في المنصورة ، رغم تحذيرات الكثير من أصدقائه ، ومن بينهم وزير الداخلية النبوي إسماعيل ، الذي قال له السادات :
- الأعمار بيد الله .. لن أرتدي القميص يانبوي ؟ ثم قال له :
- انت هوال وخواف يانبوی، ما تخافش أنا رايح لابنائي ووسطهم ، ولا داعي للقميص.

والحقيقة أن السادات ،لم يرتد القميص الواقي من الرصاص ، ليس لهذه الأسباب القدریة ، التي تحاول أن تقنعنا بها هذه الروايات وغيرها ، وليس لأنه ذاهب لأولاده ، وسيكون في وسطهم، فقد سبق أن ارتدي السادات مذا القميص وهو وسط أولاده أيضا.

الحقيقة أن هناك مفاجأة وقعت صباح ۹ اکتوبر ۱۹۸۱ ، فرضت على السادات أن لا يرتدي القميص الواقي من الرصاص ،، كان يرتدي البدلة العسكرية الجديدة التي نفذها له بیت ازياء انجليزي في لندن ، فاكتشف أن البدلة ضيفة عليه ، وبالكاد يدخل فيها .. وقد وضح ذلك عندما اعطى ظهره الكاميرات التليفزيون ، وهو في طريقه لقبر الجندي المجهول ، ولاحظ البعض أن فتحة الجاكت الخلفية واسعة ، وغير مضمومة ، لضيق الجاكت .
وقد رفض السادات الأخذ بنصيحة زوجته وا رتداء بدلة العام الماضي ، التي لم يرتديها سوى مرة واحدة .. حتى يتمكن من إرتداء القميص الواقي من الرصاص ، لكنه رفض . ومن الممكن أن نصدق هنا .. وهنا فقط أنه قال : ايه .. هو أنا رایح فين .. أنا رايح لولادي» .. أي أنه قال هذه العبارة بعد أن وجد أنه لا مفر أمامه من الإيمان بقضاء الله وقدره !

وفيما بعد، تصورت المخابرات الحربية ، أن «ضيق، البدلة جزء من مؤامرة الإغتيال ، فراح مندوب  إلى الترزي الإنجليزي ليعرف الحقيقة .. لكنه اكتشف أن الترزی بری، تماما من هذه التهمة!
وفيما بعد اتضح أن خالد ورفاقه دبروا خطتهم على أساس أن السادات يرتدی القميص الواقي من الرصاص .. وهذا يفسر سر ترکیز حسين عباس على المنطقة الخالية من الوقاية ، بين رقبة السادات ، وعظمة ترقوته .. وعندما سقط السادات وراء حاجز المنصة الحجري ، تصوروا أن الرصاصات التي أصابته لم تؤثر فيه ، بسبب القميص الوافي من الرصاص ، الأمر الذي جعل أحدهم يقفز خلف المنصة ، ويتاكد من موته ، ومن أن الرصاصات أصابته ، ولم يصدها القميص الواقي من الرصاص ؟

والقميص الواقي من الرصاص ، صنع سرا في أمريكا ، ووصل القاهرة عام ۱۹۷۷ ، وأستعمله السادات أول مرة ، يوم زيارة القدس في نوفمبر ۱۹۷۷ ، ثم إستعمله مرة أخرى يوم رفع العلم المصري على مدينة العريش بعد عودتها لمصر في مايو ۱۹۷۹ ..

والقميص الواقي من الرصاص فصل للسادات لكي يلبسه اساسا تحت الجاكت المدنية الواسعة ولبس تحت الجاكت العسكرية المغلقة التي ابتكر السادات خطوطها ، له ، ولقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ، وطلب منهم ارتداءها في المناسبات الهامة منذ عام ۱۹۷۹ .. وهي خطوط مستمدة من البدل العسكرية لالمانيا الن ازية وقد حدث أن إرتدي السادات القميص الوافي من الرصاص عام ۱۹۸۰.وهو يشهد مناورة للقوات البحرية بالقرب من الحدود الساحلية المصرية .
. وقيل  أنه عاد من المناورة قال لها إنه شعر بالخجل من إرتداء هذا القميص ، بين الضباط والجنود ، كما انه - أي القميص - مكشوف للجميع
كما رفض السادات . في يومه الأخير أن يرتدي القميص الواقي من الرصاص ، رفض أيضا أن يمسك بالعصا التقليدية التي اعتاد أن يمسكها دائما في إحتفالات 6 اكتوبر .وقال لها:
- إنها تجعلني أشبه بفرعون 
لكن .. هيكل يقول :
- إن السادات نسي أن ياخذ هذه العصا . عصا الماريشالية .. واعتبرت زوجته أن ذلك كان نذير شؤم
في ذلك اليوم كانت جيهان السادات تشعر بالاكتئاب يزحف على صدرها . ولم تعرف . كما قالت لي فيما بعد. السبب .
كما أن هذا الاكتئاب لم يتلاشى عندما طلب منها زوجها أن تحضر حفيدها شريف معها إلى العرض .
وقال لها : - شريف بقي راجل ! وشريف كان أحب الأحفاد إلى قلب السادات .. وكان عمره في ذلك العام


لا نعرف ماذا دار بين السادات وسكرتيره الخاص فوزي عبد الحافظ ، في حجرة نوم الرئيس ، قبل أن يخرج من البيت إلى وزارة الداع .. إلا أن بعض المصادر الأجنبية - مثل مجله تایم، ومجلة اشتيرن  کتاب یوم قتل السادات - تدعي أنها تعرف ذلك .
وهذه المصادر تجمع على أن السادات كان مزاجه رائقا ، في ذلك الصباح ، وأن فوزی عبد الحافظ لم يخرج عن سعادته التي يقوم بها كل صباح وهي أن يذهب إلى جهاز التسجيل الموجود في فراش السادات ، ليديره على صوت الشيخ محمد رفعت وهو يقرأ ما تيسر من القران الكريم ، وعندما ينهي الشيخ رفعت تلاوة القرأن يكون السادات قد استعد لصلاة الصبح ، وفي هذه الأثناء يكون فوزی قد أعد فطور السادات البسيط ،
وتقول هذه المصادر إن السادات سال سكرتيره الخاص :
- أخبارك به يافوزي ؟
رد فوزى : 
- الحمد لله بأفندم
ساله السادات ضاحكا :
- العرض حا يتعرض ولا إيه ؟!
 قال فوزى :
- حايتعرض ياريس .. مؤكد حايتعرض ..
وزارة الدفاع أتصلت الصبح وأكدت إن كله تمام .
شعر السادات بالارتياح ، وراح ينظر في بعض البرقيات والأوراق الخاصة ببعض الشئون السياسية والاقتصادية .
ثم سال فوری :
 - پرنامجك إيه يافوزی ؟!
 قال فوزي وهو يقرا من مفكرة صغيرة :
-الساعة 9.45 سيصل إلى البيت النائب حسني مبارك ، وأبو غزالة لتذهبوا معا إلى وزارة الدفاع .
 وفي الساعة 11 سنتجه إلى أرض العرض ، بعد وضع باقة من الزهور على قبر الجندي المجهول .
قال السادات :
- لا تنس اني بعد العرض سازور قبر عاطف في ميت أبو الكوم ؟
 قال فوزی : 
- رتبنا هذا يافندم والطائرة ستكون خلف المنصة في انتظارك
 وسأل السادات ؟ 
- وهل أرسلتم حقائبی لوادي الراحة
 * قال فوزی .-
نعم ر تبنا كل شيء لتقضي سيادتك العيد هناك !
قال السادات :
. مافيش راحة إلا في وادي الراحة.

انتهى الحوار بين السادات وسكرتيره الخاص ، وبدا السادات في ارتداء
ملابس القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وبعد أن انتهى من ثيابه وضع نجمة ميناء التي منحها لنفسه ، ثم وضع على صدره الأيسر ثمانية نياشين ، ولف نفسه بوشاح القضاء .. وخرج من حجرته ، وهبط إلى الدور الأول .. ليجد مبارك وأبو غزالة في إنتظاره .

في تمام الساعة العاشرة خرج موکب السادات متجها إلى مبنى وزارة الدفاع كوبري القبة ، وهناك التقى . كالعادة - بكبار قادة القوات المسلحة، 
يقول حمدي لطفي المحور العسكري لمجلة المصورا في مقال كتبه خاص المجلة الوادي (عدد اکتوبر ۱۹۸۲ )
قبل الذهاب إلى أرض العرض العسكري بنصف ساعة كان السادات يقف بين حسني مبارك وأبو غزالة وقادة القوات المسلحة في القاعة المخصصة له والملحقة برئاسة الأركان بادي التوتر.

ويقول النقيب مهدی خلف المصور العسكري لوزارة الدفاع ، وكان يمسك بالكاميرا ، ويلتقط الصور له كعادته كل 6 اكتوبر
. هذا اليوم شعرت بأن الرئيس يتحرك كثيرا وأن وجهه محتقن بعض الشيء .. عين الكاميرا وعيني اكدنا أن الرئيس السادات ليس طبيعيا ذلك اليوم حتى أنه نسي الكاب الخاص به عند مغادرته القاعة ، فنبهه أحد القادة اليه . والسادات لا ينسي مثل هذه الأمور المتعلقة به وبزيه على الأطلاق ..
في الساعة الحادية عشرة ، وعشر دقائق خرج موكب الرئيس من مبنى وزارة الدفاع في طريقه إلى النصب التذكاري للجندي المجهول ، أمام المنصة 

كان السادات ومبارك وأبو غزالة يستقلون سيارة كاديلاك سوداء و پسقف مفتوح ، يسمح لهم بتحية رجال القوات المسلحة وضيوف العرض .. وعلى جانبي السيارة وخلفها كان يقف، ثمانية من حراس السادات ، وتبدو على ملابع وجوههم الصرامة .. وتملئ، أجسادهم بالقوة والعطلات ، وقد وضع بعض منهم نظارات شمسية من ماركة «ريبان، الشهيرة على عينيه ، وأمام السيارة وعلى جانبيها أينما كان موتوسيكلات  طراز هالى ديفيد سون اقترب الموكب من أرض العرض ..
ونزل والثلاثة الكبارا ، وسط هتافات ، کان أشهرها : «بالروح والدم نفديك یاسادات، .. ووسط لافتات تقول : يحيا السادات. بطل الحرب والسلام .. .
وتوجهوا إلى نصب الجندي المجهول ، ووضعوا على رخامه باقة من الزهور .
ونصب الجندي المجهول ، صممه الفنان سامي رافع ، على هيئة مرم ضخم ، يصل ارتفاعه الى 31 مترا ، أي أمن إرتفاع هرم خفرع ، وهو مبنی بالاسمنت المسلح ، وحفرت على أصلابه اسماء شهداء حرب اكتوبر !
توقف الموكب أخيرا أمام المنصة عرفت الموسيقى السلام الجمهوری ... رجل السادات وكبار ضيوفه في الصف الأول .
وبعد قليل ، أرسلت جيهان السادات أحفادها إلى جدهم ، مستغلة الدقائق القليلة السابقة على بدء العرض ، فقبلهم السادات ، وداعبهم قليلا ، وضم شريف إلى صدره
ثم أمر باعادتهم إلى جدهم !


بدايه العد التنازلى 


كان السادات يجلس - كالعادة . في الصف الأول .. ومعه كبار للدعوين والضيوف .. على يمينه جلس نائب حسني مبارك ، ثم .. الوزير العمانی : شبيب بن تيمور .. وهو وزير دولة في السلطنة ، وكان مبعوث السلطان قابوس ، الذي كان الحاكم الوحيد بين الحكام العرب ، التي لم يقطع علاقته بمصر ، ولا بالسادات بعد زيارة القدس ، ومعاهدة  كامب ديفيد ، ولذلك كان طبيعيا أن يحظى بعونه ، ولو لم يكن رنبة كبيرة ، بكل هذا التكريم ، ويجلس في الصف الأول من المنصة بعد نائب الرئيس ، وأن يصبح أهم فبف اجنبي وعربي فيالعرض

بعد الوزير العمانی ، جلس ممدوح سالم ، مستشار رئيس الجمهورية
كان من قبل رئيسا للوزراء ، والذي كان أول وزير الداخلية بعد سقوط و مراکز القوى ، وحركة 15 مايو ۱۹۷۱ 
بعد ممدوح سالم كان مجلس الدكتور عبد القادر حاتم ، المشرف العام على المجالس التخصصية ، وهي هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية .. وهو اصلا من رجال عبد الناصر القلائل الذين فربهم السادات إليه ..
وبعد د. حاتم كان يجلس د صرف أبو طالب رئيس مجلس الشعب ، وهو الرجل الذي يتيح له الدستور. بحكم منصبه أن يصبح رئيسا مؤقتا للجمهورية ، المثل الرئيس الحال ، أي مات فجأة ، وذلك حتي مختار الرئيس الجديد ..
على يسار السادات كان يجلس وزير الدفاع محمد عبد الحليم أبو غزالة ..
ثم المهندس سید مرعي ، صهر السادات ، ومستشاره السياسي ، واقدم وزراء الزراعة في عهد جمال عبد الناصر ..
وبعده كان عبد الرحمن بيصار شيخ الأزهر ..

ثم .. دكتور صبحي عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى .. فرئيس الأركان عبد رب النبي حافظ .. فقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ..
وفي الصف الثانى . خلف السادات مباشرة - كان يجلس سكرتيره الخاص فوزی عبد الحافظ ، وهوا مساعد نديم بالجيش أيام كان السادات ضابطا صغيرا ،، وظل على علاقة قوية به حتى أصبح رئيسا للجمهورية ..
ولا احد يعرف بالضبط الحوار ، والتعليقات المتبادلة بين السادات ونائبه ووزير الدفاع .. لكن .. بعض المصادر تشير إلى أنهم كانوا يتحدثون عن شحنات الأسلحة الأمريكية الجديدة ، ومواعيد وصولها .. وكانوا يتحدثون عن إحتفالات الانسحاب الإسرائيل الأخير من سيناء في ۲۰ اپریل ۱۹۸۲ ، والترقيات الإستثنائية التي كان سيحظى بها بعض كبار الضباط بهذه المناسبة ..
ولا تستطيع أن نؤكد صحة هذا الكلام ، وإن كنا نستطيع - بالعقل والمنطق - توقع حدوثه .. ذلك أن السادات كان يعتبره تنوع مصادر السلاح ، و معونات السلاح الأمریکی امن ضمن منجزاته الكبرى .. كما انه كان يعتبر الإنسحاب الإسرائبل الأخير من سيناء حادثا تاريخيا ضخما لا يقل عن حادث عبور القناة ..
حلى انه من المؤكد أن حالة السادات النفسية والمعنوية كانت في القمة ..
وكثيرا ما كان يقف تحية للمارين أمامه .. وأحيانا كان يرفع الكاب لهم .. وأحيانا كان يصفق لهم .. وأحيانا كان يدخن الغليون .. ولم يتوقف عن تبادل التعليقات مع نائبه ووزير الدفاع ..
بدا العرض العسكري بداية تقليدية ..
طوابير من جنود وضباط الأسلحة المختلفة.. حملة الإعلام. طلبة الكليات العسكرية .. بالونات وألعاب نارية في السماء ..
جاء دور طائرات و الفانتوم ) ..
وراحت تشكيلاتها تقوم ببعض الألعاب البهلوانية ، وتنفث سحبا من الدخان اللون ..




 الاغتيال :


وفي نفس الوقت .. قال المذيع الداخلي :  والأن مجيء المدفعية ..
فقدم قائد طابور المدفعية لتحية المنصة، وهو محاط بعدد من راگبی الموتوسيكلات ... وأمام الرئيس ونائبه ووزير الدفاع وکار القادة والضيوف ، وكاميرات التليفزيون توقف نجاة أحد هذه الموتوسيكلات ،.. أصيب بعطل مفاجیه . غير متوقع .. واختفى النيف من الموتور تماما ..
لم يتوقف قائد الطابور ، حتى لا يرتبك من يتبعونه ، وترك قائد الموتوسيكل ) يتصرف بمفرده .. وكان أن نزل الرجل من فوق و الموتوسيكل ، وراح يدفعه بيديه إلى الأمام .. وكان من حسن حظه أن معدل سير باقی الموتوسيكلات ، كان بطيئا ، يسمح له بملاحقتها .. لكنه سرعان ما هبط فوق كتفيه طائر سوءالحظ ، نزلت قدماه ، وانگفا على الأرض ، ووقع و الموتوسيكل ، فوقه .. تتدخل جندي كان يقف بالقرب من المنصة ، وأسعقه بقليل من الماء ..
مر الحادث بسلامه

وساهمت في ذلك تشكيلات و الفانتوم ، التي كانت لا تزال في السماء ، وتسرق أنظار ضيوف المنصة .. الذين راحوا يستمتعون ببراعة المتبارين الذين يقودونها .
وبينما الطائرات في الجو ، كان طابور من عربات المدفعية الثقيلة يتقدم بقرب المنصة الرئيسية.. وفجاة .. إرتجت إحدى العربات .. وانحرفت الى اليمين قليلا .. تصور الحاضرون أن السيارة اصابتها لعنة الموتوسيكل وتعطلك .. وعندما نزل منها ضابط متلىء قليلا ، تصوروا أنه سيسعی الإصلاحها .. أو أنه سيطلب العون لدفعها الى الأمام بعيدا عن المنصة ، کیا حدث من قبل في عروض عسكرية سابقة أقيمت في عهدی عبد الناصر والسادات ..
لم يشك أحد في عطل العربة . الجوار ... بل إن قليلين هم الذين انتبهوا لذلك .
وكان اول ما فوجيء به الحاضرون بعد ذلك هو رؤية الضايط الممتلی، الذي قفز من العرية وهو يلقي بقبلة يدوية ، تطير في الهواء ثم نرتطم بسور المنصة

في ذلك الوقت كان المذيع الداخلى يحي رجال المدفعية ويقول : إنهم فتية آمنوا بربهم كان ذلك الضابط هو الملازم أول خالد الاسلامبولى الضابط العامل باللواء ۳۳۳ - مدفعية
جري خالد الاسلامبولى إلى العرية ، وفتح بابها ، وأمسك بمدفع رشاش . عيار 9 مم طراز «بور سعيد .. في نفس هذه اللحظة ، كان هناك فوق صندوق العربة شخص آخر ، پلقی بقبلة أخرى .. سقطت بالقرب من المنصة بحوالى 15 مترا . وسقط من القاها في صندوق العرية ..
وكان ذلك الشخص هو عطا طايل ..
قبل أن ينتبه أحد من الصدمة ، القي خالد الاسلامبولى ، القنبلة اليدوية الدفاعية الثالثة في اتجاه المنصة ، فسقطت بالقرب منها .. لكنها لم تنفجر هی الأخرى .. واكتفت باخراج دخان كثيف منها ..
وقبل أن ينتهي الدخان ، انفجرت القنبلة الرابعة ، وأصابت سور المنصة أيضا .. وتناثرت شظاياها في أنحاء متفرقة .. لكن .. هذه الشظايا لم تصب أحدا .. وكان السبب هو سور المنصة الذي كان بمثابة الساتر، الذي هی من خلفها من شظاياها ..

وکا ن، رامي هذه القنبلة هو عبد الحميد عبد العال ..
في تلك اللحظة انتبه أبو غزالة .. وأحس أن ثمة شيئا غیر طبیعی يحدث .. وقد تأكد من ذلك بعد أن لمح الرشاش في يد خالد الاسلامبولي .. واكتشف أنه عار الرأس ، ولا سضع البيريه ، كالمعتاد .
وانتبه السادات هو الآخر ..
وهب من مقعده واقفا .. وانتصبت قامته .. وغلى الدم في عروقه .. وسيطر عليه الغضب .. وصرخ أكثر من مرة :
مش معقول ، .. امش معقول ... مش معقول .
وكانت هذه العبارة المكررة في آخر ما قاله السادات .. فقد جاءته رصاصة من شخص رابع كان يقف فوق ظهر العربة ويصوب بندقيته الآلة ( عيار 7.92) نحوه . وكان وقوف السادات ، عاملا مساعد السرعة اصابته .. فقد اصبح هدفا سهلا ومميزا .. وكاملا .. وخاصة أن حامل البندقية الآلية هو واحد من أبطال الرماية في الجيش المصرى قناص محترف ..
كان ذلك هو الرقيب متطوع حسين عباس على ...

اخترقت الرصاصة الأولى الجانب الأيمن من رقبة السادات في الجزء الفاصل بين عظمة الترقوة وعضلات الرقبة .. واستقرت أربع رصاصات أخرى في صدره ، فسقط في مكانه .. على جانبه الأيسر .. واندفع الدم غزيرا من فمه ، ومن صدره ، ومن رقبته .. وغطت ملابسه العسكرية المصممة في لندن على الطراز النازي - الألماني .. ووشاح الفضاء الأخضر الذى كان يلف بهصدره .. والنجوم والنياشين التي كان يعلقها ويرصع بها ثيابه الرسمية
بعد أن أطلق حسین عباس دفعة النيران الأولى ،  من العربة ، ليلحق بخالد وزملائه الذين توجهوا صوب المنصة .. في تشكيل هجومی ، يتقدمه خالد وعبد الحميد على يمينه ، وعطا طايل على شماله .. 


اقتحام المنصه:


وبمجرد أن اقتربوا من المنصة أخذوا يطلقون دفعة نيران جديدة على السادات، وهذه الدفعة من النيران أصابت بعض الجالسين في الصف الأول ، ومنهم المهندس سید مرعي ، والدكتور صبحي عبد الحكيم الذي سارع بالانبطاح أرضا ليجد نفسه وجها لوجه أمام السادات الذي كان يئن ويتالم ويلفظ أنفاسه الأخيرة .. ومنهم فوزی عبد الحافظ الذي أصيب باصابات خطرة وبالغة وهو يحاول أن يكوم الكراسی فوق جسد السادات ، الذي ظن أنه على قيد الحياة ، وأن هذه المقاعد تحمی حياته ، وتبعد الرصاصات المحمومة عنه
كان أقرب ضباط الحرس الجمهوري إلى السادات عمید اسمه أحمد سرحان .. وبمجرد أن سمع طلقات الرصاص تدوی، سارع اليه وصاح فيه ؛
انزل على الأرض يا سيادة الرئيس.. إنزل على الأرض... ولكن ..

كان الوقت - کما بقول العميد أحمد سرحان - متاخرا، وكانت الدماء تغطى وجهه، وحاولت أن أفعل شيئا وأخليت الناس من حوله ، وسحبت مسدسي وأطلقت خمسة عبارات في انحاء شخص رأيته بوجه نيرانه ضد الرئيس ،
لم يذكر عميد الحرس الجمهوري من هو بالضبط الذي كان بطلق نيرانه على السادات ، فقد كان هناك ثلاثة أمام المنصة يطلقون النيران ( خالد ، وعبد الحميد ، وعباس و طایل ) .. كانوا يلتصقون بالمنصة إلى حد أن عبد الحميد کان قریبا من نائب الرئيس حسني مبارك وقال له
- أنا مش عايزك .. احنا عايزين فرعون ،.. وكان يقصد يفرعون : أنور السادات !



أشاح خالد لابو غزالة بيده، قائلا : - إبعد .
قال ذلك ، ثم راح هو وزملاؤه يواصلون إطلاق الرصاص .. فقتل كبير الياوران ، اللواء حسن عبد العظيم علام (51 سنة) الذي اختير لمنصبه عام ۱۹۷۹ ، وكان الموت الخاطف أيضا من نصيب سبعة آخرين هم مصور السادات الخاص محمد يوسف رشوان (50 سنة) الذي انتدب لهذا العمل عام ۱۹۷۲ .. وسمير حلمى (63 سنة).. وخلفان ناصر محمد من سلطنة عمان .. وشائج لوى أحد رجال السفارة الصينية .. وسعيد عبد الرءوف
وقبل أن تنفد رصاصات خالد الاسلامبولی ، اصيب الرشاش الذي في بده بالعطل ، وهذا الطراز من الرشاشات معروف أنه سريع الاعمال و خاصة إذا امثلات خزائنه ( ۳۰ طلقة بخلاف خمس طلقات احتياطية ) ، عن آخرها .. وقد تعطل رشاش خالد بعد أن أطلق منه ۳ رصاصات فقط .
مد خالد يده بالرشاش الأخر إلى عطا طايل الذي أخذه منه وأعطاء بدلا منه بندقيته الالية ..

واستدار عطا طايل ليهرب . لكنه فوجئ برصاصة تأتي له من داخل المنصة وتخترق جسده ..
في تلك اللحظة فوجئ عبد الحميد أيضا بمن يطلق عليه الرصاص من المنصة .. أصيب بطلقتين في أمعائه الدقيقة ورفع رأسه في اتجاه من أطلق عليه الرصاص ليجد رجلا يرفع طفلا ويحتمی به کساتر ، فرفض اطلاق النار عليه . وقفز خلف المنصة ليتأكد من أن السادات قتل .. واكتشف لحظتها أنه لا يرتدی القميص الواقي من الرصاص .. وعاد وقفز خارج المنصة وهو بصرخ:
- الله اكبر الله اكبر! في تلك اللحظة نفدت ذخيرة حسين عباس فأخذ منه خالد سلاحه وقال له : بارك الله فيك ،، أجرى.. ونجح في مغادرة ارض الحادث تماما  ولا يقبض عليه إلا بعد يومين .





أما الثلاثة الأخرون فقد اسرعوا - بعد أن تأكدوا من مصرع السادات. يغدرون موقع المنصة في اتجاه رابعة العدوية .. وعلى بعد ۷۰ مترا، وبعد نهاية دقيقة ونصف ، انتبة رجال الحرس ، وضباط المخابرات الحربية للجناة ، فأطلقوا الرصاص عليه ، فأصابوهم فعلا . . وقبضت عليهم المجموعة ۷5 - مخابرات حربية وهم في حالة غيبوبة كاملة
وبعد أن افاق الحرس من هول المفاجأة .. وبعد اصابة المتهمين الثلاثة ، بدأ اطلاق النار بصورة عشوائية على كل من يرتدي الزي العسكري ، ويرى في نفس الاتجاه الذي كان يجري فيه الجناة , فأصيب 3 أشخاص . وفيما بعد . ثبت من تحقيقات المجكمة أن عبد الحميد وعطا  كانا ينزفان وهما جریان .. وثبت أيضا أن رجال المجموعة ۷5 أخذوا أسلحتهم بعد اصابتهم .. وثبت كذلك ان بعض هذه الأسلحة كان بها ذخيرة ,

وقال العقيد محمد فتحي حسين (قائد المجموعة ۷۰) امام المحكمة : - إن أسلحة بعض المتهمين كان فيها ذخيرة وأنهم لم يردوا على رجال المخابرات عندما أطلقوا عليهم الرصاص اركان عدم الرد على رصاص رجال المخابرات الحربية . كما قال لي شورتی خالد مامی عبد الحميد - قناعهم بانهاء مهمتهم عند قتل السادات ، ولا هم اعتبروا أنفسهم منذ تلك اللحفلة شهداء ..
وفيما بعد، شوهد ممدوح سالم - في الفيلم التليفزيوني الايطالي الذي صور الحادث - وهو يلقي عددا من المقاعد في اتجاه موقع السادات .. وشوهد وهو يشد حسني مبارك الى اسفل .. وشوهد نائب رئيس وزراء سابق وهو يتسلل باحثا عن مهرب من هذا الجحيم .

استغرقت العملية 40 ثانية .. أي أقل من دقيقة ..
أقل من دقيقة ، من لحظة نزول خالد الاسلامبولى إلى لحظة انسحابه هو والأخرين .. كانت كل ثانية من هذه الثواني بالنسبة للجالسين في المنصة دهرا بأكمله . كانت كل ثانية هي الموت بعينه حتى بالنسبة للذين نجوا بعمرهم وبقوا على قيد الحياة .. كانت كل ثانية هي رقم في مسلسل العد التنازلي للانطلاق إلى العالم الأخر ..
کان مشهد المنصة فريدا من نوعه ..
قتل .. جرحي .. فوضى . دماء , كراسي مقلوبة .. نياشين بعهدة عن أصحابها .. كتل متناثرة من اللحم البشري .. ذعر ... خوف .. أنين .. وسقط الرئيس الراحل مضرجا في دمائه ، ولفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه ، کما سقط سبعة آخرون قتلى ، وأصيب ثمانية وعشرون أيضا باصابات مختلفة ممن كانوا بالمنصة وحولها ..

تعليقات